أمر الله في هذه الآية نبيه محمداً * أن يستقيم هو وأمّته على ما أمر الله به. والاستقامة: الالتزام بما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله *، وذلك بامتثال الأوامر على قدر الاستطاعة واجتناب النواهي، كما قال *: (( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم )). رواه البخاري (٧٢٨٨) ومسلم (٦١١٣)، ولما سأل أحد الصحابة رسول الله * أن يوصيه، أمره بالاستقامة، ففي صحيح مسلم (١٥٩) عن سفيان بن عبد الله الثقفي > قال: قلت: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك. قال: (( قل آمنت بالله ثم استقم )).
وقد بيّن الله أن جزاء أهل الاستقامة الجنّة، فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأحقاف: ١٣ ـ ١٤]، وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: ٣٠ ـ ٣٢].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( يأمر تعالى رسوله وعباده المؤمنين بالثبات والدوام على الاستقامة، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء ومخالفة الأضداد، ونهى عن الطغيان، وهو البغي، فإنه مصرعة حتى ولو كان على مشرك، وأعلم تعالى أنه بصير بأعمال العباد، لا يغفل عن شيء، ولا يخفى عليه شيء )).


الصفحة التالية
Icon