في هذه الآية الكريمة بيان أن الرسل من الرجال لا من النساء، لأن الرجال أكمل من النساء، قال ابن كثير ~ في تفسير هذه الآية: (( يخبر تعالى أنه إنما أرسل رسله من الرجال لا من النساء، وهذا قول جمهور العلماء كما دلّ عليه سياق هذه الآية الكريمة: أن الله تعالى لم يوح إلى امرأة من بنات بني آدم وحي تشريع. وزعم بعضهم أن سارة امرأة الخليل، وأم موسى، ومريم بنت عمران أم عيسى نبيات، واحتجوا بأن الملائكة بشرت سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وبقوله: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ الآية، وبأن الملك جاء إلى مريم وبشرها بعيسى ـ عليه السلام ـ، وبقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ وهذا القدر حاصل لهن، ولكن لا يلزم من هذا أن يكن نبيات بذلك، فإن أراد القائل بنبوتهن هذا القدر من التشريف، فهذا لا شك فيه، ويبقى الكلام معه في أن هذا هل يكفي في الانتظام في سلك النبوة بمجرده أم لا؟ الذي عليه أهل السنّة والجماعة وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم أنه ليس في النساء نبية وإنما فيهن صدّيقات، كما قال تعالى مخبراً عن أشرفهن مريم بنت عمران حيث قال تعالى: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ﴾ فوصفها في أشرف مقاماتها بالصديقية، فلو كانت نبية لذكر ذلك في مقام التشريف والإعظام، فهي صديقة بنص القرآن )).
وكما أن النساء لسن من أهل النبوة والرسالة؛ كذلك ليس لهن ولاية عامة وخاصة على الرجال، لأن الرسول * بلغه أن الفرس ولّوا عليهم ابنة كسرى قال: (( لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة )) رواه البخاري (٤٤٢٥).


الصفحة التالية
Icon