وفي هذه الآية: أن الرسل من أهل القرى، وذلك لرقة قلوبهم ولين طباعهم، بخلاف أهل البادية، وما جاء في هذه الآية من أن الرسل من أهل القرى، لا ينافي ما جاء في هذه السورة في قوله تعالى عن يعقوب: ﴿ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ ﴾ لأن من ذهب من الحاضرة إلى البادية فترة من الزمن، لا يخرجه عن كونه حضرياً، كما أن من جاء من البادية إلى الحاضرة فترة من الزمن لا يجعله حضرياً. وانظر كتاب (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ص: ١٧٥) لشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~.
ـ قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: ١١٠].
في قوله في هذه الآية ﴿ كُذِبُوا ﴾ قراءتان، بتشديد الذال المكسورة وتخفيفها، فعلى قراءة التشديد؛ تكون الضمائر كلها راجعة إلى الرسل، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [الأنعام: ٣٤]، وعلى قراءة التخفيف؛ يكون رجوع الضمير في قوله: ﴿ وَظَنُّوا ﴾ إلى أقوام الرسل لا إلى الرسل، والمعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن المرسَل إليهم أن الرسل قد كُذِبوا فيما وُعدوا به من النصر، جاءهم نصر الله.


الصفحة التالية
Icon