فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته وأفعاله ومعرفة عبادته كل ذلك لا يُعرف إلاّ عن طريق الوحي من كتاب الله ومن سنّة رسوله *، والإيمان بالملائكة وأصل خَلْقهم وكيفيته وما كُلِّفوا به من الأعمال وغير ذلك مما يتعلّق بالملائكة كله من الإيمان بالغيب، والإيمان بالرسل ومعرفة من سُمّي منهم ومعرفة أممهم وما جرى بين الرسل والأمم من الإيمان بالغيب، والإيمان بالكتب ومعرفتها ومعرفة أسمائها والرسل التي أُنزلت عليهم من الإيمان بالغيب، والإيمان باليوم الآخر ومعرفة ما يحصل في القبر من نعيم أو عذاب وأهوال وما يحصل بعد البعث من حشر وحوض وحساب وميزان وصراط وجنّة ونار كله من الإيمان بالغيب، والإيمان بالقضاء والقدر من الإيمان بالغيب؛ فإن كل ما كُتب في اللوح المحفوظ مما سبق به قضاء الله وقدره لا يعلمه إلاّ الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يعلم الناس المقدَّر إلاّ بوقوعه أو بحصول الخبر بوقوعه في المستقبل من الصادق المصدوق *.
ولعظم شأن الإيمان بالغيب جعله الله أول صفات المتقين التي ذكرها في قوله تعالى: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: ٢، ٣].
ـ قوله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: ١٦].


الصفحة التالية
Icon