أقول: لقد كان خيراً لهذا المتعصب المأجور لإضلال عوام المسلمين على شرط أن لا يذكر اسمه في كتيبه ولا يفضح نفسه بين قومه، أن يختصر لمستأجريه آلهتهم وكتبهم التي صدت جميع مستقلي الفكر من أقوامهم وشعوبهم عن دينهم، بل صدّت بعضهم عن كل دين؛ فإن اختصار الدراري السبع في السماء أهون من اختصار آيات الفاتحة السبع في الأرض، وحسب العالم من فضيحته إيراد سخافته هذه وتشهيره بها لو كان حياً يمشي بين الناس، وأما العامي الجاهل الذي قد يغتر بقول كل قائل، ولاسيما إذا كان الطعن بغير دينه، فربما يحتاج إلى التنبيه لبعض فضائح هذا الاختصار، وإن كانت لا تخفى على أولي الأبصار ))، ثم ذكر ~ جملة من فضائح هذا الاختصار المزعوم لسورة الفاتحة من هذا النصراني الضال الجاهل الحاقد.
ـ قوله: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: ٢٤ ـ ٢٥].
جمع الله في هاتين الآيتين بين الوعد والوعيد والترغيب والترهيب، وكثيراً ما يأتي في القرآن الكريم الجمع بين ذلك في آية واحدة أو آيتين أو أكثر؛ ليعبد المسلم ربه جامعاً بين الرغبة والرهبة والخوف والرجاء، كما قال بعض أهل العلم عن الجمع بين الخوف والرجاء: إنه كالجناحين للطائر؛ إذا كانا سليمين سهل طيرانه، وإن اختل أحد الجناحين لم يحصل منه الطيران.


الصفحة التالية
Icon