المراد بالعالمين الذين فُضل عليهم بنوا إسرائيل هم عالمو زمانهم، وأمة نبينا محمد * هي خير الأمم، قال الله - عز وجل - :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: ١٤٣]، وخير هذه الأمة أصحاب رسول الله *، وقد امتُحن الصحابة وبنو إسرائيل بما يخاف منه ويُطمع فيه، فصبر الصحابة } ولم يصبر بنو إسرائيل، قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~: (( ومما يدل على أفضلية أمة محمد * على بني إسرائيل أن الابتلاء الذي يظهر به الفضل وعدمه إنما يكون بخوف أو طمع، وقد ابتلَى أصحابَ النبي * بخوف وابتلاهم بطمع، وابتلى بني إسرائيل بخوف وابتلاهم بطمع، أما الخوف الذي ابتلى الله ـ جلّ وعلا ـ به أصحابَ محمد * فهو أنهم لما غزوا غزاة بدر وساحل أبو سفيان بالعير واستنفر لهم النفير، وجاءهم الخبر بأن العير سَلِمت وأن الجيش أقبل إليهم، وأخبرهم النبي * بذلك، قال له المقداد بن عمرو >: والله! لو سِرت بنا إلى بَرْك الغِماد لجالدنا مَن دونه معك، ولو خضت بنا هذا البحر لخضناه، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾، بل إنّا معك مقاتلون، ولما أعاد الكلام قال له سعد بن معاذ >: (كأنك تعنينا معاشر الأنصار)؛ لأنهم اشترطوا عليه ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم بشرط أن يكون في داخل المدينة، ولم يشترط عليهم خارج المدينة، فأخبره النبي * أنه يعنيهم، فقال كلامه المعروف المأثور، قال: (والله! إنا لقوم صُبُر في الحرب، صُدُق عند اللقاء، والله! ما نكره أن تلقى بنا عدوك حتى تر منّا ما يقرُّ عينك، والله! لقد تخلف