اللَّهِ } [التوبة: ٣٤] عن سفيان بن عيينة أنه قال: (( من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبّادنا كان فيه شبه من النصارى )).
قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~ في كتابه أضواء البيان (١/٥٣): (( واليهود والنصارى وإن كانوا ضالين جميعاً مغضوباً عليهم جميعاً، فإن الغضب إنما خصّ به اليهود وإن شاركهم النصارى فيه؛ لأنهم يعرفون الحق وينكرونه ويأتون الباطل عمداً، فكان الغضب أخص صفاتهم، والنصارى جهلة لا يعرفون الحق، فكان الضلال أخص صفاتهم، وعلى هذا فقد يُبَيِّن أن ﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ اليهود قوله تعالى فيهم: ﴿ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ الآية، وقوله فيهم أيضاً: ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾ الآية، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ ﴾ الآية، وقد يبيِّن أن ﴿ الضَّالِّينَ ﴾ النصارى قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ )).
ويتبين مما تقدّم أن سورة الفاتحة مشتملة في أكثر من موضع على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، ومن العلماء من يقسم التوحيد إلى نوعين: توحيد في المعرفة والإثبات ويشتمل على توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وتوحيد في الطلب والقصد وهو توحيد الألوهية، فلا تنافي بين القسمة الثنائية والثلاثية، قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية (ص: ٤٢ ـ ٤٣): (( ثم التوحيد الذي دعت إليه رسل الله ونزلت به كتبه نوعان: توحيد في الإثبات والمعرفة، وتوحيد في الطلب والقصد.