وهذا أمر يمكن أن يلاحظه كل من تتبع بدقة بعض دراسات القوم في مجال القرآنيات، فعدد المصنفات العربية المتعلقة بعلوم القرآن المعتمدة من طرف المستشرقين محدود جداً، وهي في معظمها كتب جامعة لم تتحر الصحة والنقد والرواية السليمة(١) وهكذا نجد أن نولدكه، وبيل، وبلاشير، وبورتون في مجال جمع القرآن الكريم لا يتجاوزون كتب المصاحف لابن أبي داود، والإتقان للسيوطي، والفهرست لابن النديم، في حين لا نجد عندهم اعتمادا يذكر على الروايات الصحيحة الواردة في كتب الصحاح والسنن أو في مقدمات المفسرين القرآنية (مقدمة ابن عطية _ مقدمة ابن جزي _ ومقدمة القرطبي وغيرها): كما لا نجد إشارة إلى كتاب أبي شامة المقدسي (ت ٦٦٥ه): المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بكتاب الله العزيز، أو كتاب ((البرهان في علوم القرآن)) للزركشي (ت ٧٩٤ه) أوكتاب ((التبيان)) للنووي (ت ٦٤٣ه) أو كتاب ابن الجوزي ((فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن)) أو ما جاء في فتح الباري لابن حجر(ت٨٥٢) وغيره من شراح كتب الصحاح والسنن.

(١) للتدليل على ذلك قمت بإحصاء عدد المراجع التي ذكرها بلاشير في مقدمة كتابه ((مدخل إلى القرآن)) فوجدت أنه اعتمد على مائة وثمانية وسبعين كتاباً، ليس منها سوى سبعة وأربعين كتاباً عربياً، كثير منها في الأدب والتاريخ، مثل: تاريخ اليعقوبي، ومروج الذهب للمسعودي، وأسد الغابة لابن الأثير، ومقدمة ابن خلدون، والفهرست لابن النديم، وغيرها.


الصفحة التالية
Icon