ففي كتاب المناقب من سنن الترمذي عن ابن عباس قال: ضمَّني رسول الله ﷺ وقال: اللهم علِّمه الحكمة، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ثم إنه كان يقال له الحبر والبحر؛ لكثرة علمه.
أما ما اتهم به من كثرة الرواية والرجوع إلى مسلمة أهل الكتاب فإنه كان يرجع إليهم في حدود اتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل خاصة في المواضع التي أجملت في القرآن وفصلت في التوراة والإنجيل، ولكن ذلك في دائرة محدودة ضيقة، ثم كيف يعقل أن يستبيح ابن عباس رضي الله عنهما لنفسه كثرة الأخذ عن مَسلَمة أهل الكتاب وهو القائل كما في صحيح البخاري: ((يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه ﷺ أحدثُ الأخبار بالله تقرؤونه لم يُشَب؟... الحديث))(١).
المبحث السابع: منهج النفي
يعد هذا المنهج معلماً بارزاً في كثير من أبحاث المستشرقين التي تتناول المرويات الصحيحة المرتبطة بالدراسات القرآنية وعلوم القرآن على وجه الخصوص، ثم إنهم ينفون العديد من الروايات لهذا السبب أو ذاك، بينما نجدهم يتشبثون –بالمقابل- بكل ما هو ضعيف شاذ، ويشير أحد أبناء جلدتهم وهو المستشرق الفرنسي إميل درمنغهم ﷺ mile تعالىermenghem إلى هذا الأمر قائلاً: ((من المؤسف حقاً أن يكون قد غالى بعض هؤلاء المتخصصين من أمثال موير ومرجليوت ونولدكه وسبرنجر ودوزي وغريم وجولدزيهر وغيرهم في النقد أحياناً، فلم تزل كتبهم عامل هدم ونفي على الخصوص، ولا تزال النتائج التي انتهى إليها المستشرقون سلبية ناقصة....))(٢).
(٢) درمنغهم: حياة محمد ترجمة عادل زعيتر، ط ٢/ دار إحياء الكتب العربية القاهرة ١٩٤٩م.