إننا بقدر ما ننوي استعراض مناهج القوم في دراسة القرآن الكريم والتي تعتبر إلى حد بعيد مخلة بقواعد المنهج العلمي الصحيح، نرمي إلى تجاوز الإشارة إلى بعض الأعمال المفيدة التي قدمها زمرة من المستشرقين في مجال تحقيق ونشر النصوص المتعلقة بالدراسات القرآنية، مثل نشر ((التيسير)) و((المقنع)) وكلاهما للداني (ت٤٤٤ه)(١) وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري (ت٨٣٣ه)(٢) وبعض كتب شواذ القراءات ومعاني القرآن وغيرها. ويرجع لتلامذة نولدكه الألمان أكبر الفضل في ارتياد تحقيق النصوص القرآنية ونشرها، وهو ما كان يمثل بالنسبة إليهم جزءاً من مشروع ضخم شرع فيه هؤلاء بتأسيس معهد للأبحاث القرآنية بمدينة ميونيخ، وقد اهتموا بجمع كل المصادر المطبوعة والمخطوطة المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه مع الشروع في إنجاز أوسع وأضخم تفسير للقرآن يتمثل في وضع كل آية من آيات القرآن في علبة خاصة تجمع فيها تفسيرات الآية حسب مفسري القرآن منذ عهد الصحابة إلى عصرنا هذا. ورتبوا تلك الاقتباسات حسب زمن المفسر الأقدم فالأقدم، فكان من الممكن أن يعرف تطور التفسير لكل لفظة ولكل آية من القرآن. غير أن هذا المعهد الذي احتضن المشروع قد وقعت عليه قنابل الحرب العالمية الثانية فدمرته وأتلفت المشروع.
(٢) نشره برجستراسر عام ١٩٣٢م.