زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} إلى قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وهن ثلاث آيات نزلن عندما رفعت خولة بنت ثعلبة شكواها إلى رسول الله ﷺ من أن زوجها أوس بن الصامت ظاهر منها وجادلت الرسول بأن معها صبية صغارا إن ضمتهم إلى زوجها ضاعوا وإن ضمتهم إليها جاعوا.
ثالثها : لفت أنظار المسلمين إلى تصحيح أغلاطهم التي يخطئون فيها وإرشادهم إلى شاكلة الصواب في الوقت نفسه. ولا ريب أن تلك الأغلاط كانت في أزمان متفرقة فمن الحكمة أن يكون القرآن النازل في إصلاحها متكافئا معها في زمانها. اقرأ إن شئت قوله سبحانه في سورة آل عمران: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ إلى آيات كثيرة بعدها وكلها نزلت في غزوة أحد إرشادا للمسلمين إلى مواضع أخطائهم في هذا الموقف الرهيب والمأزق العصيب. وكذلك اقرأ قوله سبحانه في سورة التوبة: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وهي آيات تردع المؤمنين عن رذيلة الإعجاب والاغترار في يوم من أيام الله وتلفت نظرهم إلى مقدار تدارك الله لهم في شدتهم والى وجوب أن يثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى ربهم.
رابعها: كشف حال أعداء الله المنافقين وهتك أستارهم وسرائرهم للنبي والمسلمين كيما يأخذوا منهم حذرهم فيأمنوا شرهم. وحتى يتوب من شاء منهم. اقرأ إن شئت قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وهن ثلاث عشرة آية فضحت المنافقين كما فضحتهم سورة التوبة في كثير من الآيات وكما كشف القرآن أستارهم في كثير من المناسبات. ويمكن أن تندرج هذه الحكمة الثالثة بمضامينها الأربعة في قول الله تعالى في تلك الآية من سورة الفرقان: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾.
الحكمة الرابعة: الإرشاد إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده
...
الحكمة الرابعة
الإرشاد إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده وأنه لا يمكن أن يكون كلام محمد ﷺ ولا كلام مخلوق سواه.
وبيان ذلك. أن القرآن الكريم تقرؤه من أوله إلى آخره فإذا هو محكم السرد دقيق السبك متين الأسلوب قوي الاتصال آخذ بعضه برقاب بعض في سورة وآياته وجمله@