الطريقة التي يستسيغونها وبالعلم الذي تواضعوا عليه في اصطلاحهم الحديث وهو جملة المعارف اليقينية التي أنتجها دستور البحث الجديد في الوجود وكائناته من جعل الشك أساسا للبحث والاستناد إلى القاطع الذي يؤيده الحس دون سواه فهم يقدمون الشك ويمعنون فيه ثم لا يعترفون إلا بالحسيات ولا يحفلون بمجرد العقليات. ومن هنا سجنوا أنفسهم في سجن المادة ومكثوا حينا من الدهر ينكرون ما وراء المادة ويسرفون في الشكوك إلى أبعد الحدود ويستخفون بأمر الإلهيات والنبوات والوحي إلى مدى بعيد لم تصل إليه أظلم عهود الجاهلية لولا أن صدمهم العلم نفسه صدمة عنيفة غيرت رأيهم في إنكار ما وراء المادة كما يأتي إن شاء الله. وإنما نبدأ هنا بأدلة الوحي العلمية لأنها في الواقع أدلة لإمكان الوحي وتقريبه إلى العقول. وإمكان الوحي هو الخطوة الأولى في الموضوع،
وهو ملحوظ في المقدمة الأساسية من مقدمات الدليل العقلي الآتي فلا غرو أن يكون لتلك الأدلة العلمية مكان الصدارة والتقديم.
الدليل الأول: التنويم الصناعي أو التنويم المغناطيسي وهو من المقررات العلمية الثابتة. كشفه الدكتور مسمر الألماني في القرن الثامن عشر وجاهد هو وأتباعه مدى قرن كامل من الزمان في سبيل إثباته وحمل العلماء على الاعتراف به وقد نجحوا في ذلك فاعترف العلماء به علميا بعد أن اختبروا به الآلاف المؤلفة من الخلق واطمأنوا إلى تجاربه. وأخيرا أثبتوا بوساطته ما يأتي:
١- أن للإنسان عقلا باطنا أرقى من عقله المعتاد كثيرا.
٢- أنه وهو في حال التنويم يرى ويسمع من بعد شاسع ويقرأ من وراء حجب ويخبر عما سيحدث مما لا يوجد في عالم الحس أقل علامة لحدوثه.
٣- أن للتنويم درجات بعضها فوق بعض يزداد العقل الباطن سموا بتنقله فيها.
٤- أنه قد يصل إلى درجة تخرج فيها روح الوسيط من جسده وتمثل إلى جانبه غير مرئية بينما يكون الجسم في حالة تشبه الموت لولا علاقة خفية بين الروح والجسم.@