على أن الدين ليس سباقا فى كمال الأجسام، ولا اكتنازا لهذا الحطام. والمرء فى سعيه للآخرة يقل اكتراثه بكثير من اللذائذ، ولكنه لن يتعبد بلبس الخرق أو أكل الخشاش!! "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " ؟. وإضافة الزينة إلى الله تعنى أنه مصدرها وشارعها وقابل عباده فيها. ويزداد المعنى وضوحا فى قوله " قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ". أى ينفردون بها فى الآخرة، وقد يشركهم غيرهم فيها أثناء هذه الحياة..! "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ". حرم الخفى من الجرائم والمكشوف كالحقد والغضب "والإثم والبغي بغير الحق". سائر الذنوب وخاصة الاستطالة على الآخرين واستباحتهم. وقد لاحظ نقدة الفكر الدينى أن بعض الناس يقصر ثيابه دلالة تقوى، وفى قلبه كبر فرعون! ونبهت السنة إلى أن الله يكره العائل المزهو أى الفقير المتكبر، والكبر قد يكون فى صدر لابس الخيش، وقد يتنزه عنه لابس الكتان..!! المهم سلامة الفطرة واستجماع شمائلها.. والتعلق بالله الواحد، والبراءة من سائر الشركاء هو الأساس الأول للفطرة. والإنسان عندما يخلو بنفسه لا يتجه إلى إلهين أو ثلاثة! إنما يتجه إلى إله واحد، يجأر إليه فى الضراء، ويلهج بشكره فى السراء. والواقع أن الشرك نضح بيئات ضالة فقدت رشدها وآذت غيرها. وقد قام الإسلام على الفطرة عقيدة وأخلاقا، والقرآن هنا يقول " وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ". وفى السورة نفسها بيان لاحق بأن مواثيق هذه الفطرة مأخوذة على الإنسان منذ نشأته الأولى "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" !! ص _١١٧


الصفحة التالية
Icon