اليهود قد حرصوا على الدين شكلا لا موضوعا، وتشبثوا بالقشور، ونسوا اللباب، فاستمسكوا أنتم أيها المسلمون بالحق الأصيل وأركانه المنشودة " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر.. " إلى آخر الأركان الستة التى تشرح حقيقة البر، وترسى دعائم التقوى... ص _٠١٨
وتستطرد السورة فى بناء المجتمع الجديد، فتشرح كما ذكرنا أركان الإسلام الخمسة، ثم تفيض فى حديث عن الأسرة المسلمة، شارحة أحكاما كثيرة فى بنائها وقيامها وحياطتها. ولا تنسى وهى تتدفق فى هذا الشرح أن تشير إلى ما سلف من اليهود، وكيف تكاثرت بينهم آيات الله فأهدروها، فحقت عليهم كلمة ربك " سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ". أهذا التقرير من قبيل المثل المعروف " إياك أعنى واسمعى يا جارة "؟ إن هذه السورة تحدثت عن حماية المجتمع الكبير بالجهاد، وعن حماية المجتمع الصغير- وهو الأسرة- بفنون من الأحكام التى تصونها، ولكننا نحن المسلمين تهاونا فى الأمرين معا، فلنؤخر مؤقتا الكلام عن جو الأسرة الإسلامية، ولنتناول بإيجاز قضية القتال، وكيف شرحها القرآن الكريم شرحا ينفى عن الجهاد المشروع كل شائبة للعدوان.. إننا معشر المسلمين لا نحب الحروب، ولا نعشق ما فيها من دمار وخسار، إننا نؤثر العافية، والاستقرار بين الأهل والأحبة، وقد أقر الإسلام مؤقتا هذه المشاعر " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ". لا بأس بالسلام مع صون الحقوق واحترام العقيدة، أما إذا كان السلام يعنى الاستسلام وقبول الدنية فلا مرحبا به!! وفى شرح القرآن لاستباحة الشهر الحرام ترى هذه الموازنة، " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " أى لا يجوز، لكن، ما العمل إذا أقررتم فيه العدوان، ومطاردة


الصفحة التالية
Icon