وتمتاز سورة البقرة بأنها تحدثت عن أركان الإسلام الخمسة "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم "، " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين "، " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة "، " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم.. "، " وأتموا الحج والعمرة لله.. ". وقد ظلت السورة مفتوحة يضم إليها النبى الكريم ما شاء الله أن يضيفه إليها من وحى يتصل بموضوعها. ومعروف أن آخر آية نزلت من القرآن كله هى قوله تعالى: " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " وقد أمر النبى عليه الصلاة والسلام بضمها إلى الآيات التى تتحدث عن الربا فى خواتيم سورة البقرة... وننظر إلى الصفحات الأولى من السورة، فنجدها وصفت الأتقياء فى ثلاث آيات، ووصفت الكافرين فى آيتين، ووصفت المنافقين فى ثلاث عشرة آية! وذلك يدل على استطارة شرهم وخطورة أثرهم على الجماعة كلها.. وبعد دعوة عامة إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، وحديث وجيز عن إعجاز القرآن الكريم، وصدق صاحبه، وخسار عدوه، عاد الحديث إلى صنوف الناس بإزاء الرسالة، وتباين مواقفهم بين مؤمن وكافر، أو بين ناقض للعهد وموفي.. أكان رب العالمين جديرا بهذا الموقف الخسيس؟ هل جزاء النعمة المسداة، نعمة الإيجاد والإمداد أن نكفر صاحبها؟ وبهذا الكنود!! " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ". وكان طبيعيا بعدئذ ذكر بدء الخلق، وتكليف البشر، والصراع الدائم بين آدم وبنيه، وإبليس وذريته! إن هذا الصراع ظهر فى صورة عداوة مرة بين خاتم الدعاة وبنى إسرائيل، الذين آثروا أن يكونوا جند إبليس فى معركته الخالدة ضد الحق.. كان لابد ـ وسورة البقرة أول ما نزل بالمدينة ـ أن تتصدى السورة لبنى إسرائيل، مفندة موقفهم من الرسالة الخاتمة،


الصفحة التالية
Icon