وهذا القول هو ما ورد في تفسير الماوردي، وقد ذكره عن ابن عباس - فهو رواية عن ابن عباس، وليس قولاً للماوردي، وعبارته في تفسيره: "قوله تعالى: ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني جبريل، أنزله الله في ليلة القدر بما نزل به من الوحي. الثاني: يعني القرآن، وفيه قولان: أحدهما ما روي عن ابن عباس قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر في ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى في اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل في عشرين ليلة ونجمه جبريل على النبي ﷺ في عشرين سنة. وكان ينزل على مواقع النجوم إرسالاً في الشهور والأيام (١) -ثم قال- القول الثاني: أن الله تعالى ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر. قال الشعبي" (٢) وبهذا النص يتبين أنه قول مغاير لما قبله، وأنه رواية عن ابن عباس وليس قولاً للماوردي إلا أن يكون نسب إليه لأنه ذكره ولم يتعقبه. ولا يكفي هذا في جعله قولاً له ولذا كانت عبارة ابن حجر أدق وأصوب حين قال: "وحكى الماوردي في تفسير ليلة القدر، ثم ذكره وأعقبه بقوله عنه "وهذا -أيضاً- غريب" (٣) ومثل ذلك عبارة أبي شامة حيث قال: "وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره" (٤) ثم أورده. وهو قول مردود لأنه ليس بين الله وجبريل واسطة في تلقي القرآن الكريم.
(٢) تفسير الماوردي: النكت والعيون (٦/٣١١-) بتحقيق السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم.
(٣) انظر فتح الباري لابن حجر (٩/٤-)، ونقل القسطلاني كلام ابن حجر في كتابه لطائف الإشارات (١/٢٢).
(٤) المرشد الوجيز لأبي شامة (١٩).