وذلك استدلالاً بالآيات التي فرقت بين اللفظتين حين ذكرت نزول الكتب السماوية وجمعت بينها، كقوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿ آلم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه. وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ﴾ (آل عمران: ١-٤)
ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة النساء: ﴿ يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نَزَّل على رسوله. والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا ﴾ (النساء: ١٣٦)
يقول الواحدي عند تفسيره لقوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿ نزل عليك الكتاب بالحق ﴾ إنما قال "نزّل" وقال: ﴿ وأنزل التوراة والإنجيل ﴾ لأن التنزيل للتكثير، والقرآن نزل نجوماً، شيئاً بعد شيء، والتوراة والإنجيل نزلتا دفعة واحدة. (١)
وقال الجرجاني في كتابه التعريفات مفرقاً بين اللفظتين: "الفرق بين الإنزال والتنزيل: الإنزال يستعمل في الدفعة، والتنزيل يستعمل في التدريج". (٢)
وقال الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى من سورة آل عمران: ﴿ نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ﴾ :"فإن قلت: لم قيل: نزل الكتاب وأنزل التوراة والإنجيل؟ قلت: لأن القرآن نزل منجماً ونزل الكتابان جملة". (٣)
(٢) التعريفات للجرجاني (٧٣).
(٣) الكشاف (١/٤١١).