٢ - أنه لو كان التضعيف في "نزّل" لإفادة التكثير والتنجيم لما جاء قوله تعالى: ﴿ وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة ﴾ (الفرقان: ٣٢) جامعاً بين التضعيف وقوله ﴿ جملة واحدة ﴾ وهما متنافيان في الدلالة. (١)
٣ - إن من أدلة عدم الفرق بين اللفظتين وأنهما بمعنى واحد؛ القراءة بالوجهين في كثير مما جاء كذلك. يقول أبو حيان: "ويدل على أنهما بمعنى واحد قراءة من قرأ ما كان من "ينزِّل" مشدداً؛ بالتخفيف - إلا ما استثني - فلو كان أحدهما يدل على التنجيم والآخر على النزول دفعة واحدة لتناقض الإخبار وهو محال". (٢)
ويؤيد هذا قراءة قوله تعالى: ﴿ وقرآناً فرقناه ﴾ بالتشديد ﴿ فرَّقناه ﴾ والتخفيف ﴿ فَرَقْناه ﴾ (٣) كما أنه قد جاء مع القرآن أنزل، قال تعالى: ﴿ وأنزلنا إليك الذكر ﴾ (النحل: ٤٤)؟يقول سيبويه: "فعّل وأفعل يتعاقبان".
٤ - مجيء "نزّل" المضعف في آيات كثيرة بحيث لا يراد منها إفادة التكثير والتنجيم إلا على تأويل متكلف وبعيد جداً كقوله تعالى: ﴿ وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربه ﴾ (الأنعام: ٣٧)؟وقوله: ﴿ قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً ﴾ (الإسراء: ٩٥)؟فالمراد هنا مطلق الإنزال لا تكثير المنزل. (٤)
ومن أجل هذا ذهب بعضهم إلى جعل هذا التفريق غالباً في استعمال القرآن لا قاعدة مطردة محاولة للجمع بين القولين. (٥)
تنزلات القرآن الكريم
القول الأول:
(٢) البحر المحيط (٢/٣٧٨)، والدر المصون (٣/٢١).
(٣) راجع توثيق القراءة. ص١٣، حاشية (٣).
(٤) انظر: البحر المحيط (٢/٣٧٨) والدر المصون (٣/٢١).
(٥) انظر: المدخل لدراسة القرآن للشيخ محمد محمد أبو شهبة (٤٩).