لقد وجه رسول الله - ﷺ - دعوته إلى الناس فوجد منهم نفوراً شديداً وقلوباً قاسية، قابله قومه بقلوب قاسية فطرت على الأذى، وقابلوه بصنوف الأذى والشتم مع رغبته الصادقة وسعيه المشكور في إيصال الخير الذي جاء به إليهم حتى قال الله تعالى في حقه ﴿ فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ﴾ (الكهف : ٦) فكان الوحي ينزل على رسول الله - ﷺ - فترة بعد فترة ليثبت فؤاده على الحق ويقوي عزمه على المضي في الخير.
وقد بين الله أن سنته في أنبيائه السابقين أنهم كذبوا وأوذوا فصبروا حتى جاءهم نصر الله، وبيَّن كذلك أن قومه ما كذبوه إلا استكبارا وعلوا، وردّاً للحَق، فيجد الرسول - ﷺ - في ذلك تسلية له قال تعالى ﴿ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾ (الأنعام : ٣٣). ﴿ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ﴾ (الأنعام : ٣٤). ﴿ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتب المنير ﴾ (آل عمران : ١٨٤). ، ونجد القرآن يأمره بالصبر في قوله تعالى ﴿ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ﴾ (الأحقاف: ٣٥).
فكلما اشتد ألم رسول الله - ﷺ - بسبب تكذيب قومه وداخله الحزن لأذاهم، نزل القرآن دعما وتسلية له عما يعانيه من قومه فهدد المشركين المكذبين بأنه يعلم أحوالهم وسيجازيهم بما يستحقون قال تعالى ﴿ فلا يحزنك قولهم إنا نعلم مايسرون ومايعلنون ﴾ (سورة يس : ٧٦)، وقال: ﴿ والله يعصمك من الناس ﴾ (المائدة : ٦٧). وقال: ﴿ وينصرك الله نصراً عزيزاً ﴾ (الفتح : ٣.)، قال ﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ﴾ (المجادلة : ٢١).