ومن المعلوم أن القرآن الكريم نزل مفرقا على مدى عشرين سنة حسب الوقائع والأحداث، ومع طول هذه الفترة، كانت تنزل منه الآية والآيات الكثيرة، والآيات القليلة على اختلاف الموضوعات ومع ذلك كان أسلوبه أسلوباً واحداً لم يتغير في فصاحته وجزالته وقوته، فأسلوبه واحد، مترابط بعضه ببعض، لا انفكاك فيه متناسق الآيات والسور كأنه عقد واحد ﴿ كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ﴾ فلو كان من كلام البشر وقد قيل في مناسبات كثيرة، وموضوعات مختلفة متباينة، لوقع فيه التفكك والانفصام قال تعالى ﴿ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ﴾ هذا والحكم التي أخذت من نزول القرآن مفرقاً منجما كثيرة لاتكاد تحصر، وقد نثرها علماء هذا الفن في كتبهم وقد لخصنا منها ماذكرنا تلخيصاً، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في الدين وأن يجنبنا الزيغ.
الكلام في نزول القرآن على سبعة أحرف
بما أن هذا الموضوع من أخصّ موضوعات نزول القرآن لابد من التطرق إليه على انفراد بإيجاز، مع العلم أن الموضوع تكلم فيه العلماء قديماً وحديثاً وأكثروا فيه الأقوال، ولاسيما المعنى المراد بكونه نزل على سبعة أحرف وأنا أتناوله حسب المحاور التالية:
المحور الأول: النصوص الدالة على نزوله على سبعة أحرف:
اعلم أيها القارئ الكريم أن حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف جاء عن كثير من الصحابة حتى ذكر بعض العلماء عنه التواتر، وممن قال بذلك أبو عبيد القاسم بن سلام، وقد ذكر السيوطي في الاتقان أنه جاء عن واحد وعشرين من الصحابة (١).