مثال الحالة الرابعة التي هي استواء الروايتين أو الروايات في الصحة، ولامرجح مع عدم إمكان نزول الآية عقبها لتباعد الزمان فالحكم أن يحمل الأمر على تكرر النزول. مثال ذلك ماأخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة أن النبي - ﷺ - وقف على حمزة حين استشهد، وقد مثل به فقال "لأمثلن بسبعين منهم مكانك" فنزل جبريل بقوله ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ﴾ مع ماأخرج الترمذي والحاكم عن أبيّ بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله سبحانه: وإن عاقبتم فعاقبوا الآية. قال في المدخل:" فالأولى تفيد أن الآيات نزلت عقب أحد والثانية تفيد أنها نزلت يوم الفتح، وبين الفتح وأحد حوالي خمس سنين إلى أن قال فلا مناص من القول بتعدد النزول مرة يوم أحد ومرة يوم الفتح (١) ".
أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل منه
اعلم أيها القارئ الكريم أن المتكلم في موضوع نزول القرآن لابد ان يتكلم عن أول مانزل وآخر مانزل لتعلق هذا الموضوع بالنزول وعليه، فإن العلماء بحثوا هذا الموضوع بحثا واسعاً لأهميته وأنا أتكلم فيه من النواحي التالية:-
١ - أول ما نزل مطلقاً.
٢ - آخر مانزل مطلقاً.
٣ - أوائل مقيدة.
٤ - أواخر مقيدة.
٥ - بعض فوائد هذا النوع.
أول مانزل من القرآن مطلقاً
ذكر العلماء في ذلك أربعة أقوال:
( ١ ) أول مانزل قوله تعالى ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم ﴾ (العلق: ١-٥).
من الأدلة على هذا القول: