نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٥٨
و من ذلك نكاح المعتدة، وكذلك نكاح أمة على حرّة، وكذا القادر على الحرة، وكذلك تزوج خامسة، وكذا الملاعنة للملاعن وقيل : لا حاجة إلى التنبيه على هذا فإن الكلام في المحرمات المؤبدة، وما ذكر محرمات لعارض ممكن الزوال. نعم يظهر ذلك في الملاعنة فانظر.
وقد أبعد من قال : إن تحريم الجمع بين المذكورات مأخوذ من الآية هذه لأنه حرّم الجمع بين الأختين، فيكون ما في معناه في حكمه : وهو الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وكذلك تحريم نكاح الأمة لمن يستطيع نكاح حرّة فإنه يخصص هذا العموم.
أَنْ تَبْتَغُوا في محل نصب على العلة : أي حرّم عليكم ما حرّم وأحلّ لكم ما أحلّ لأجل أن تبتغوا بِأَمْوالِكُمْ النساء اللاتي أحلهنّ اللّه لكم ولا تبتغوا به الحرام فيذهب «١»، حال كونكم مُحْصِنِينَ : أي متعففين عن الزنا غَيْرَ مُسافِحِينَ أي غير زانين.
والسفاح : الزنا، وهو مأخوذ من سفح الماء : أي صبه وسيلانه. فكأنه سبحانه أمرهم بأن يطلبوا بأموالهم النساء على وجه النكاح، لا على وجه السفاح. وقيل : إن قوله : أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ بدل من «ما» في قوله : ما وَراءَ ذلِكُمْ أي : وأحلّ لكم الابتغاء بأموالكم. والأوّل أولى. وأراد اللّه سبحانه بالأموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان الإماء.
فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ كلمة «٢» «ما» موصولة، والفاء في قوله : فَآتُوهُنَّ لتضمن الموصول معنى الشرط والعائد محذوف : أي فأتوهنّ أجورهنّ عليه.
وقد اختلف أهل العلم في معنى الآية، فقال الحسن ومجاهد وغيرهما : المعنى فيما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء الشرعي فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهنّ.
وقال الجمهور : إن المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام ويؤيد ذلك قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير : فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ

(١) جاء في المطبوع [فيذم ] والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٤٩].
(٢) جاء في المطبوع وفي فتح القدير [١/ ٤٤٩] بدونها.


الصفحة التالية
Icon