نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٦
و الخلاق : النصيب عند أهل اللغة.
[الآية الرابعة]
وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥).
وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ المشرق : موضع الشروق، والمغرب :
موضع الغروب. أي هما ملك للّه وما بينهما من الجهات والمخلوقات، فيشتمل الأرض كلها.
وقوله : فَأَيْنَما تُوَلُّوا أي أيّ جهة تستقبلونها فهناك وجه اللّه أي المكان الذي يرتضي لكم استقباله. وذلك يكون عند التباس جهة القبلة التي أمرنا بالتوجه إليها بقوله سبحانه : فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.
قال في «الكشاف» : والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلت لكم الأرض مسجدا، فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها، فإن التولية ممكنة في كل مكان لا تختص أماكنها في مسجد دون مسجد ولا في مكان دون مكان «١». انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير» : وهذا التخصيص لا وجه له فإن اللفظ أوسع منه وإن كان المقصود به بيان السبب فلا بأس «٢». انتهى.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم - وصححه - والبيهقي في «سننه» عن ابن عباس قال : أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا - واللّه أعلم - شأن القبلة. قال اللّه تعالى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ الآية فاستقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق، ثم صرفه اللّه إلى البيت ونسخها فقال : وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «٣».
(٢) انظر فتح القدير [١/ ١٣١].
(٣) [صحيح ] أخرجه الطبري في التفسير [١/ ٥٤٩] ح [١٨٣٥] وأبو عبيد القاسم بن سلام في «الناسخ والمنسوخ» ح [٢١] والبيهقي في السنن [٢/ ١٢] وابن أبي حاتم في التفسير وابن المنذر كما في الدر المنثور [١/ ٢٦٥] والحاكم في المستدرك [٢/ ٢٦٧، ٢٦٨]/].