نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٧٢
قال المناوي في شرحه : وروي عن عائشة :«أوصاني جبريل بالجار أربعين دارا» «١».
وكلاهما ضعيف. والمعروف المرسل الذي أخرجه أبو داود، هكذا نقل عن السيوطي ثم قال : ولفظ مرسل أبي داود :«حق الجوار أربعون دارا، هكذا وهكذا، وهكذا وأشار قداما ويمينا وخلفا «٢». قال الزركشي : سنده صحيح، وقال ابن حجر : رجاله ثقات، ورواه أبو يعلى عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ المذكور لكن قال ابن حجر : في سنده عبد السلام منكر الحديث، فليحفظ.
وقد ورد في القرآن ما يدل على أن المساكنة في مدينة مجاورة! قال اللّه تعالى :
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ إلى قوله : ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا (٦٠)! فجعل اجتماعهم في المدينة جوارا.
وأما الأعراف في مسمى الجوار فهي تختلف باختلاف أهلها، ولا يصح حمل القرآن على أعراف متعارفة واصطلاحات متواضعة.
وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ : قيل : هو الرفيق في السفر، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والضحاك.
وقال علي وابن مسعود وابن أبي ليلى : هو الزوجة.
وقال ابن جريح : هو الذي يصحبك ويلزمك رجاء نفعك. ولا يبعد أن تتناول الآية جميع ما في هذه الأقوال مع زيادة عليها وهو كل من صدق عليه أنه صاحب بالجنب :
أي بجنبك. كمن يقف بجنبك في تحصيل علم أو تعلم صناعة أو مباشرة تجارة أو نحو ذلك.
وَ ابْنِ السَّبِيلِ : قال مجاهد : هو الذي يجتاز بك مارّا، والسبيل : الطريق، فنسب المسافر إليه لمروره عليه ولزومه إياه. فالأولى تفسيره بمن هو على سفر فإن على المقيم أن يحسن إليه وقيل : هو المنقطع به، وقيل : هو الضيف.
وأحسنوا إلى : وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إحسانا. وهم العبيد والإماء. وقد أمر النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنهم يطعمون مما يطعم مالكهم ويلبسون مما يلبس، وقد ورد مرفوعا إلى
(٢) عزاه الحافظ الهيثمي لأبي يعلى عن شيخه محمد بن جامع العطار، وهو ضعيف، انظر، مجمع الزوائد [٨/ ١٦٨].