نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٩
قال الشوكاني في «فتح القدير» «١» : ولا يخفى عليك أنه لا جدوى لكلامه هذا فالأولى أن يقال : إن هذا الخبر في معنى الأمر لعباده أن لا يولّوا أمور الشرع ظالما.
وإنما قلنا إنه في معنى الأمر لأن إخباره تعالى لا يجوز أن يتخلف، وقد علمنا أنه قد نال عهده من الإمامة وغيرها كثيرا من الظالمين. انتهى.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله تعالى : قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً يقتدى بدينك وهديك وسنتك. قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي إماما لغير ذريتي؟ قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤). أن يقتدى بدينهم وهديهم وسنتهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عنه قال : قال اللّه لإبراهيم : إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فأبى أن يفعل ثم قال : قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هذا عند اللّه يوم القيامة لا ينال عهده ظالما. فأما في الدنيا فقد نالوا عهده فوارثوا به المسلمين وغازوهم وناكحوهم فلما كان يوم القيامة قصر اللّه عهده وكرامته على أوليائه «٢».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في تفسير الآية أنه قال : لا أجعل إماما ظالما يقتدى به «٣».
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : يخبره أنه إن كان في ذريته ظالم فلا ينال عهده، ولا ينبغي له أن يوليه شيئا من أمره.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه أنه قال : ليس لظالم عليك عهد في معصية اللّه «٤».
وقد أخرج وكيع وابن مردويه من حديث علي عليه السلام عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في قوله :
لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) : قال :«لا طاعة إلا في المعروف» «٥».
وأخرج عبد بن حميد من حديث عمران بن حصين : سمعت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول :«لا
(٢) أخرجه ابن جرير في التفسير [١/ ٥٧٩] ح [١٩٥٩].
(٣) أخرجه ابن جرير في التفسير [١/ ٥٧٨ - ٥٧٩] ح [١٩٥٤].
(٤) انظر تفسير الطبري [١/ ٥٧٩].
(٥) أصله عند البخاري في الصحيح [٨/ ٥٨] ح [٤٣٤٠] ومسلم [٣/ ١٤٦٨] ح [١٨٤٠].