نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٢٠٧
و ذهب قوم إلى أن ذكر الخوف منسوخ بالسنة، وهي حديث عمر الذي قدمنا ذكره، وما ورد في معناه «١».
[الآية التاسعة والعشرون ] وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٠٢).
وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ : هذا خطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولمن بعده من أهل الأمر، حكمه كما هو معروف في الأصول، ومثله قوله تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة : ١٠٣] ونحوه.
وإلى هذا ذهب جمهور العلماء وشذّ أبو يوسف وإسماعيل بن عليّة فقالا : لا تصلّى صلاة الخوف بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم! لأن هذا الخطاب خاص برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم. قالا : ولا يلحق غيره به، لما له صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من المزية العليا! «٢».
وهذا مدفوع فقد أمرنا اللّه باتباع رسوله والتأسي به، وقد قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :«صلوا كما رأيتموني أصلي» «٣»، والصحابة رضي اللّه عنهم أعرف بمعاني القرآن، وقد صلّوها بعد

(١) انظر : الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/ ١٨٧)، والإحكام له (١/ ٤٩١)، وفتح القدير (١/ ٥٠٧، ٥٠٨).
(٢) انظر : رحمة الأمة لابن عبد الرحمن العثماني (ص ٥٧) والرّوضة الندية للمصنف (١/ ١٤٧، ١٤٨)، والمجموع للنووي (٤/ ٤٠٦). [.....]
(٣) حديث صحيح : رواه البخاري (٢/ ١١٠)، (١٠/ ٤٣٧)، ومسلم (٥/ ١٧٤، ١٧٥)، عن مالك بن الحويرث مرفوعا.


الصفحة التالية
Icon