نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٢٢٨
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ إلى آخر الآية «١»، فيكون ذلك منسوخا بقوله : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة : ٥] وقوله : فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا [التوبة : ٢٨]، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :«لا يحجن بعد العام مشرك» «٢».
وقال قوم الآية محكمة وهي في المسلمين «٣».
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً : جملة حالية من الضمير المستتر في آمِّينَ قال جمهور المفسرين : معناه يبغون الفضل والرزق والأرباح في التجارة، ويبتغون - مع ذلك - رضوان اللّه، وقيل : كان منهم من يطلب التجارة، ومنهم من يبتغي بالحج رضوان اللّه، ويكون هذا الابتغاء للرضوان - بحسب اعتقادهم وفي ظنهم - عند من جعل الآية في المشركين، وقيل : المراد بالفضل هنا الثواب، لا الأرباح في التجارة «٤».
وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا : هذا تصريح لما أفاده مفهوم : وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، أباح لهم الصيد، بعد أن حظره عليهم لزوال السبب الذي حرّم لأجله، وهو الإحرام «٥».
وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ «٦» : قال ابن فارس : جرم وأجرم ولا جرم، بمعنى قولك : ولا بد ولا محالة، وأصلها من جرم أي كسب، وقيل : المعنى ولا يحملنكم.
قاله الكسائي وثعلب. وهو يتعدى إلى مفعولين، يقال : جرمني كذا على بغضك، أي حملني عليه.
وقال أبو عبيدة والفراء : معنى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ لا يكسبنكم بغض قوم أن
(٢) حديث صحيح : رواه البخاري (١/ ٤٧٧، ٤٧٨)، (٣/ ٤٨٣)، ومسلم (٩/ ١١٥، ١١٦) عن أبي هريرة مرفوعا.
قال ابن عطية :«فكل ما في هذه الآية مما يتصور في مسلم حاج فهو محكم، وكل ما كان منها في الكفّار فهو منسوخ وقرأ ابن مسعود وأصحابه :[و لا آمّي البيت ] بالإضافة إلى البيت» وانظر : المحرر (٤/ ٣٢٥)، والقرطبي (٦/ ٤٣، ٤٤).
(٣) قال ابن عطية :«فكل ما في هذه الآية مما يتصور في مسلم حاج فهو محكم، وكل ما كان منها في الكفّار فهو منسوخ وقرأ ابن مسعود وأصحابه :[و لا آمّي البيت ] بالإضافة إلى البيت» وانظر :
المحرر (٤/ ٣٢٥)، والقرطبي (٦/ ٤٣، ٤٤).
(٤) انظر : تفسير ابن عطية (٥/ ٣٢٥).
(٥) فصل المصنف هذا الموضع عن سابقه، وقد وصلناه لتمام السياق ووضوح اتصاله. [.....]
(٦) انظر : الهداية للمرغيناني (٤/ ١٥٣٩)، وتفسير ابن عطية (٤/ ٣٢٦)، البحر المديد لابن عجيبة (٢/ ٥).