نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٢٣٦
نطيحة ولم يقل نطيح، مع أنه قياس فعيل لأن لزوم الحذف مختص بما كان من هذا الباب، صفة لموصوف مذكور، فإن لم يذكر ثبتت التاء للنقل من الوصفية إلا الاسمية.
وقرأ أبو ميسرة : والمنطوحة «١».
وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ : أي وحرم ما افترسه ذو ناب، كالأسد والنمر والذئب والضبع ونحوها. والمراد هنا ما أكل منه السبع، لأن ما أكله السبع كله قد فني، ومن العرب من يخص اسم السبع بالأسد، وكانت العرب إذا أكل السبع الشاة، ثم خلصوها منه أكلوها، وإن ماتت ولم يذكوها.
إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ في محل نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور، وهو راجع على ما أدركت ذكاته من المذكورات سابقا وفيه حياة.
وقال المدنيون : وهو المشهور من مذهب مالك، وهو أحد قولي الشافعي : إنه إذا بلغ السّبع منها إلى ما لا حياة معه، فإنها لا تؤكل. وحكاه في «الموطأ» «٢» عن زيد بن ثابت، وإليه ذهب إسماعيل القاضي، فيكون الاستثناء على هذا القول منقطعا أي حرمت عليكم هذه الأشياء، لكن ما ذكيتم فهو الذي يحل ولا يحرم. والأول أولى.
والذكاة في كلام العرب : الذبح. قاله قطرب وغيره. وأصل الذكاة في اللغة :
التمام، أي تمام استكمال القوة.
والذكاء : حدة القلب، وسرعة الفطنة.
(٢) انظر : الموطأ (١/ ٣٩٩) وما بعدها.
وقال اللخمي : المنخنقة والموقوذة، بالذّال المعجمة، وهي التي تضرب حتى تموت، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، ما مات منها فحام، وما لو ترك لعاش يذكى، وغير المرجو، والذي حدث به في مواضع الذكاة لم تؤكل، وفي غيره يذكى ويؤكل عند مالك.
قال ابن القاسم : ولو انتثرت الحشوة، لأن قوله تعالى : إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ بعد ذكر هذه الأقسام، استثناء متصل، لأنه الأصل، وقيل : لا يؤكل لأنه منقطع أي من غيرهن، لأنه لو لا ذلك لكان قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ يغني عنه.
وفي الجواهر : منع أبو الوليد جريان الخلاف الذي ذكره اللخمي إذا كان المقتل في غير محل الذكاة، وقال : المذهب كله على المنع، وإنما الخلاف إذا بلغت الناس بغير إصابة مقتل...
وانظر : الذخيرة للقرافي (٤/ ١٢٨، ١٢٩)، والوسيط في مذهب الشافعية للغزالي (٧/ ١٠٧، ١٠٨، ١١٣).