نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٢٧
و توقف ابن حبيب في خنزير الماء.
قال ابن القاسم وأنا أتقيه ولا أراه حراما.
وقد اتفق العلماء على أن الدم حرام. وفي الآية الأخرى : أَوْ دَماً مَسْفُوحاً [الأنعام : ١٤٥] فيحمل المطلق على المقيد، لأن ما خلط باللحم غير محرم. قال القرطبي بالإجماع. وقد روت عائشة أنها كانت تطبخ اللحم فتعلو الصفرة على البرمة من الدم فيأكل ذلك النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولا ينكره «١».
وقوله : وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، ظاهر هذه الآية والآية الأخرى أعني قوله : قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [الأنعام : ١٤٥] أن المحرم إنما هو اللحم فقط، وقد اجتمعت الأمة على تحريم شحمه كما حكاه القرطبي في «تفسيره» «٢». وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن اللحم يدخل تحته الشحم وحكى القرطبي الإجماع أيضا على أن جملة الخنزير محرّمة إلا الشعر فإنه يجوز الخرازة به وقيل أراد بلحمه جميع أجزائه! وإنما خص اللحم بالذكر لأنه المقصود لذاته بالأكل.
والإهلال : رفع الصوت، يقال أهلّ بكذا أي رفع صوته. ومنه إهلال الصبي واستهلاله وهو صياحه عند ولادته.
والمراد هنا ما ذكر عليه اسم غير اللّه كاللات والعزى إذا كان الذابح وثنيا، والنار إذا كان الذابح مجوسيا ولا خلاف في تحريم هذا وأمثاله.
قال الشوكاني في «فتح القدير» : ومثله ما يقع من المعتقدين للأموات من الذبح على قبورهم فإنه مما أهل به لغير اللّه ولا فرق بينه وبين الذبح للوثن «٣». انتهى.
قلت : ومثله ما يقع من المعتقدين للأولياء من الذبح لهم فإنه مما أهلّ به لغير اللّه وإن لم يذكروا اسمهم عليه عند الذبح، ولا فرق بينه وبين الذبح للطواغيت. وقد أكثر أهل العلم من الكلام في هذه المسألة في تواليف مفردة لا نشتغل بذكرها خشية الإطالة.

(١) أخرجه بنحوه الطبري في التفسير [٥/ ٣٨٠] ح [١٤٠٩٣].
(٢) تفسير القرطبي [٢/ ٢٢٢] وفتح القدير للشوكاني [١/ ١٦٩] وابن عطية في المحرر الوجيز [٢/ ٤٩].
(٣) انظر فتح القدير للشوكاني [١/ ١٧٠].


الصفحة التالية
Icon