نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٠٥
و كان سبب نزول الآية اختلاف الصحابة رضي اللّه عنهم في يوم بدر، بأن قال الشبان : هي لنا لأنا باشرنا القتال، وقال الشيوخ : كنا ردءا لكم تحت الرايات، فنزع اللّه ما غنموه من أيديهم، وجعله اللّه والرسول، فقال : قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أي حكمها مختص بهما، يقتسمها بينكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن أمر اللّه سبحانه، فقسمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بينهم على السواء.
رواه الحاكم في «المستدرك» «١»، وليس لكم حكم في ذلك.
وقد ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الأنفال كانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خاصة، ليس لأحد فيها شيء حتى نزول قوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ [الأنفال : ٤١] الآية، فهي على هذا منسوخة وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي.
وقال ابن زيد : محكمة مجملة، قد بين اللّه مصارفها في آية الخمس ولا نسخ! «٢».
وصححه، ووافقه الذهبي.
وكذلك رواه أبو داود (٢٧٣٧)، (٢٧٣٨) (٢٧٣٩)، والنسائي في «تفسيره» (٢١٧)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٨/ ٤٦٩).
قلت : ورجال إسناده كلهم ثقات.
قلت : وهناك سبب آخر في نزول قوله تعالى : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ... روى الترمذي (٤/ ١١٠) بسنده عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم بدر جئت بسيف فقلت : يا رسول اللّه إن اللّه قد شفى صدرك من المشركين أو نحو هذا، هب لي السيف؟ فقال : هذا ليس لي ولا لك، فقلت : عسى أن يعطى هذا من لا يبلي بلائي فجاءني الرسول فقال : إنك سألتني وليس لي، وإنه قد صار لي وهو لك، قال : فنزلت : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الآية. وقال : حديث حسن صحيح. وقد رواه سماك عن مصعب بن سعد أيضا.
والحديث رواه مسلم مطولا ومختصرا (١٢/ ٥٣، ٥٤ نووي) وأبو داود (٣/ ٣٠، ٣١)، والطيالسي (١/ ٢٣٩)، وابن أبي حاتم (٣/ ٢٢٢)، والحاكم (٢/ ١٣٢)، وصححه وأقرّه الذهبي، والبيهقي (٦/ ٢٢٩)، وابن جرير (٩/ ١٧٣)، وأبو نعيم (٨/ ٣١٢).
(٢) قال ابن العربي المعافري :«و الصحيح أن هذه الآية ناسخة لما سبق من حكم اللّه في تحريم الغنائم على الخلق، فأحلها اللّه على هذه الأمة لما رأى من ضعفها وعجزها، وفي الصحيح [البخاري تيمم، صلاة ٥٦، خمس ٨/ مسلم مساجد ٣، ٥، أبو داود جهاد ١٢١، الدارمي صلاة ١٧١، أحمد (١/ ٣٠١)، (٣/ ٣٠٤)، (٥/ ٣٢٦) عن جابر بن عبد اللّه وغيره : أحلت لي الغنائم، وثبت عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من طرق عديدة، واللفظ للبخاري (غرض الخمس ٨، نكاح ٥٨، مسلم جهاد ٣٢).. وهذا صحيح لا طعن فيه، وبيّن لا غبار عليه وانظر كلامه في