نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٣٤
[الآية الخامسة عشرة]
انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١).
انْفِرُوا حال كونكم خِفافاً وَثِقالًا.
وقيل : المراد منفردين أو مجتمعين وقيل : نشاطا وغير نشاط، وقيل : فقراء وأغنياء، وقيل : مقلين من السلاح ومكثرين منه، وقيل : أصحاء ومرضى، وقيل : شبابا وشيوخا، وقيل : رجالا وفرسانا، وقيل : من لا عيال له ومن له عيال، وقيل : من سبق إلى الحرب كالطلائع ومن يتأخر كالجيش، وقيل : غير ذلك. ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني لأن معنى الآية : انفروا خفّت عليكم الحركة أو ثقلت.
قيل : وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى [التوبة : ٩١]، وقيل : الناسخ لها قوله تعالى : فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ [التوبة : ١٢٢] الآية.
وقيل : هي محكمة وليست بمنسوخة «١».
ويكون إخراج الأعمى والأعرج بقوله : لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ [النور : ٦١]، وإخراج المريض والضعيف بقوله : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى [التوبة : ٩١]، من باب التخصيص لا من باب النسخ على فرض دخول هؤلاء تحت قوله : خِفافاً وَثِقالًا، والظاهر عدم دخولهم تحت العموم.
وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الأمر بالجهاد بالأموال والأنفس، وإيجابه على العباد : فالفقراء يجاهدون بأنفسهم، والأغنياء بأموالهم وأنفسهم، والجهاد من آكد الفرائض وأعظمها، وهو فرض كفاية مهما كان البعض يقوم بجهاد العدو
فائدة : في قوله خِفافاً وَثِقالًا ذكر له أهل التفسير أكثر من عشرة أقوال وانظر : الفراء (١/ ٤٣٩)، وابن قتيبة (١٨٧)، والطبري (١٠/ ٩٧)، والنكت (٢/ ١٣٩)، والزاد (٣/ ٤٤٢).