نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٣٧
و الصدقة تطلق على الواجبة كما تطلق على المندوبة.
وصحّ عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال :«أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردّها في فقرائكم» «١».
وقد ادّعى مالك الإجماع على القول الآخر.
قال ابن عبد البر : بإجماع الصحابة، فإنه لا يعلم مخالفا منهم.
لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ : قدّمهم لأنهم أحوج من البقية على المشهور، لشدة فاقتهم وحاجتهم.
وقد اختلف أهل العلم في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال :
فقال يعقوب بن السّكيت والقتيبي ويونس بن حبيب : إن الفقير أحسن حالا من المسكين قالوا : لأن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه، والمسكين الذي لا شيء له. وذهب إلى هذا قوم من أهل الفقه منهم أبو حنيفة.
وقال آخرون بالعكس فجعلوا المسكين أحسن حالا من الفقير «٢» واحتجوا بقوله

(١) صحيح : رواه البخاري (٣/ ٢٦١، ٣٢٢، ٣٥٧)، ومسلم (١/ ١٩٥، ١٩٧) عن ابن عباس أن معاذا قال : بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال :«إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه، فإن هم أطاعوا ذلك فأعلمهم أن اللّه افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم...» الحديث. [.....]
(٢) قال المصنف في «الروضة الندية» (١/ ٢٠٤) :«الفقير عند الشافعي هو من لا مال له ولا حرفة يقع منه موقعا، وعند أبي حنيفة من لا شيء له فيحتاج إلى المسألة لقوته، أو ما يواري بدنه، والعامل له مثل عمله سواء كان فقيرا أو غنيّا، وعليه أهل العلم.
وقال ابن الحاجب المالكي :«المشهور : أن الفقراء والمساكين صنفان، وعليه فيما اختلفا به مشهورها شدّة الحاجة، فالمشهور في المسكين، وقيل : سؤال الفقير، وقيل العلم به.. (الجامع ١٦٤).
وقال الحصني :«الفقير الذي لا مال له ولا كسب أو له مال أو كسب ولكن لا يقع موقعا من حاجته كمن يحتاج إلى عشرة مثلا ولا يملك إلا درهمين، وهذا لا يسلبه اسم الفقر، وكذا ملك الدّار التي يسكنها، والثوب الذي يتجمل به لا يسلبه اسم الفقر، وكذا العبد الذي يخدمه. قال ابن كج : ولو كان له مال على المسافة، مسافة القصر يجوز له الأخذ إلى أن يصل إلى ماله، ولو كان له دين مؤجل فله أخذ كفايته إلى حلول الدّين، ولو قدر على الكسب فلا يعطى لقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :«لا حظ فيها لغني ولا لذي مرّة سويّ وهي القوة»
وفي رواية :«و لا لذي قوة مكتسب» ولو قدر على
.


الصفحة التالية
Icon