نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٤٥
و جملة : ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ : مقررة لمضمون سبق أي ليس على المعذورين الناصحين طريق عقاب ومؤاخذة.
وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [البقرة : ٢٨٦]، وقوله : لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ [النور : ٦١]، وإسقاط التكليف عن هؤلاء المعذورين لا يستلزم عدم ثبوت ثواب الغزو لهم الذي عذرهم اللّه عنه مع رغبتهم إليه لو لا أن حبسهم العذر عنه.
ومنه حديث أنس عن أبي داود وأحمد - وأصله في «الصحيحين» - أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال :«لقد تركتم بعدكم قوما ما سرتم من مسير، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم : قالوا : يا رسول اللّه وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ فقال :
حبسهم العذر» «١».
وأخرجه أحمد ومسلم من حديث جابر «٢».
ثم ذكر اللّه سبحانه من جملة المعذورين من تضمنه قوله :
وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ : على ما يركبون عليه في الغزو.
قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ : أي حال كونهم باكين.
حَزَناً : منصوب على المصدرية أو على الحالية.
أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢) لا عند أنفسهم ولا عندك.
إِنَّمَا السَّبِيلُ : أي طريق العقوبة والمؤاخذة.
عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ : في التخلف عن الغزو، والحال أن وَهُمْ أَغْنِياءُ : أي يجدون ما يحملهم وما يتجهزون به.
وأصله في «الصحيحين» عند البخاري (٦/ ٤٦، ٤٧) (٨/ ١٢٦)، عن أنس، ومسلم (١٣/ ٥٦، ٥٧) عن جابر مرفوعا.
(٢) حديث صحيح : رواه مسلم (١٣/ ٥٦، ٥٧)، وابن ماجة (٢٧٦٥)، وأحمد في «المسند» (٣/ ٣٣٠) (٣٤) عن جابر مرفوعا.