نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٥٨
منها، وهذا العموم مخصوص بما ثبت في الأحاديث الصحيحة من قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :«من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه» «١»، حتى بالغ في ذلك فقال :«و اللّه لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني»، وهذه الألفاظ ثابتة في الصحيح وغيره.
ويخص أيضا من هذا العموم يمين اللغو لقوله تعالى : لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ [البقرة : ٢٢٥] ويمكن أن يكون التقييد بالتوكيد هاهنا لإخراج أيمان اللغو، وقد تقدم بسط الكلام على الإيمان في البقرة.
وقيل : توكيد اليمين هو حلف الإنسان على الشيء الواحد مرارا.
وحكى القرطبي «٢» عن ابن عمر : أنّ التوكيد هو أن يحلف مرتين فإن حلف واحدة فلا كفارة عليه.
قال أبو عبيدة : كل أمر لم يكن صحيحا فهو دخل.
وقيل : الدخل ما أدخل في الشيء على فساده.
وقال الزجاج : غشا.
[الآية الثالثة]
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨).
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ : الفاء لترتيب الاستعاذة على العمل الصالح.
وقيل : هذه الآية متصلة بقوله : وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ، والتقدير فإذا أخذت في قراءته فَاسْتَعِذْ.
قال الزجاج وغيره من أئمة اللغة : معناه إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ وليس معناه استعذ بعد أن تقرأ القرآن. ومثله : إذا أكلت فقل : بسم اللّه.
قال الواحدي : وهذا إجماع الفقهاء أن الاستعاذة قبل القراءة إلا ما روي عن أبي هريرة وابن سيرين وداود ومالك وحمزة من القراء فإنهم قالوا : الاستعاذة بعد القراءة،
(٢) انظره في «تفسيره» (١٠/ ١٧٠).