نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٦٢ وقال الحافظ ابن القيم رحمه اللّه في «إعلام الموقعين» «١» : لا يجوز للمفتي أن يشهد على اللّه ورسوله بأنه أحل كذا أو حرمه، أو أوجبه أو كرهه إلا بما يعلم أن الأمر فيه كذلك مما نص اللّه ورسوله على إباحته أو تحريمه أو إيجابه أو كراهته.
وأما ما وجده في كتابه الذي تلقى عمن قلدوا فيه، فليس له أن يشهد على اللّه ورسوله ويغير الناس بذلك ولا علم له بحكم اللّه ورسوله.
قال غير واحد من السلف : ليحذر أحدكم أن يقول أحل اللّه كذا، وحرم كذا فيقول له اللّه كذبت لم أحل كذا ولم أحرمه.
وثبت في «صحيح مسلم» «٢» من حديث بريدة بن [الحصيب ] «٣» أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال :«إذا حاصرت حصنا فسألوك أن تنزلهم على حكم اللّه ورسوله فإنك لا تدري أتصيب حكم اللّه فيهم أم لا، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك».
وسمعت شيخ الإسلام - يعني الشيخ ابن تيمية رضي اللّه عنه - قال : حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم، فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر، فقلت له : ما هذه الحكومة؟ فقال : هذا حكم اللّه! فقلت له : صار قول زفر حكم اللّه الذي حكم به وألزم به الأمة! قل : هذا حكم زفر وقوله، ولا تقل حكم اللّه ونحو هذا من الكلام.
انتهى.
[الآية السادسة]
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)/.

فذكره.
وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١/ ٨٢) : وفيه من لم يسمّ».
(١) انظره في (١/ ٣٩).
(٢) حديث صحيح : رواه مسلم (١٢/ ٣٧، ٤٠)، وأبو داود (٢٦١٢)، (٢٦١٣)، والترمذي (١٤٠٨)، (١٦١٧)، وابن ماجة (٢٨٥٨)، وأحمد في «المسند» (٥/ ٣٥٢، ٣٥٨)، والدارمي (٢/ ٢١٥). [.....]
(٣) ما بين [معقوفين ] صحّفت إلى (الخصيب) وهو خطأ، والتصويب من مصادر التخريج.


الصفحة التالية
Icon