نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٦٧
شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية «١».
فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : أي لا يجاوز ما أباحه اللّه له، فيقتل بالواحد الاثنين أو الجماعة، أو يمثّل بالقاتل أو يعذبه.
إِنَّهُ، أي الولي.
كانَ مَنْصُوراً (٣٣) أي مؤيدا معانا، فإن اللّه سبحانه نصره بإثبات القصاص له بما أبرزه من الحجج وأوضحه من الأدلة، وأمر أهل الولايات فبمعونته والقيام بحقه حتى يستوفيه «٢».
وقيل : هذه الآية من أول ما نزل من القرآن في شأن القتل لأنها مكيّة.
[الآية الثالثة]
وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (٣٦).
وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ : أي تتبع ما لا تعلم، من قولك : قفوت فلانا إذا اتبعت أثره. ومنه قافية الشعر لأنها تقفو كل بيت، ومنه القبيلة المشهورة بالقافة لأنهم
فروى خصيف عن مجاهد قال : حجّته التي جعلت له، أن يقتل قاتله.
وذهب جماعة من العلماء إلى أن هذا هو السلطان الذي جعل له، وأنه ليس له أن يأخذ الدّية، إلا أن يشاء القاتل.
وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له : إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدّية، وإن شاء عفا.
والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة، قول مجاهد : إن السلطان هاهنا القود خاصّة، لا ما سواه.
وذهب الشافعي رحمه اللّه إلى قول الضحاك، غير أنه قال : كان يستحق إذا عفا أخذ الدّية، اشترط ذلك أو لم يشترطه، والحجّة له.
وانظر : معاني القرآن (٣/ ١٤٩)، وجامع الطبري (١٥/ ٨١)، وتفسير القرطبي (١٠/ ٢٥٥)، وزاد المسير (٥/ ٣٢)، وقد رجّح ابن جرير قول الضحاك وهو أيضا قول ابن عباس فقال :«و أولى التأويلين بالصواب ما قاله ابن عباس أن لوليّ القتيل، القتل إن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الخبر بذلك عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
(٢) أورد الطبري آثارا في تفسير هذه الآية عن عبد اللّه بن كثير عن مجاهد وأبي بن كعب وغيرهم، وانظره :(١٥/ ٨٣)، والسيوطي في الدر المنثور (٤/ ١٨١).