نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٧١
[الآية الخامسة]
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨).
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ : قد أجمع المفسرون على أن هذه الصلاة المراد بها الصلاة المفروضة.
وقد اختلف العلماء في الدلوك المذكور في هذه الآية على قولين :
أحدهما : أنه زوال الشمس عن كبد السماء، قاله عمر وابنه وأبو هريرة وأبو برزة وابن عباس والحسن والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة والضحاك وأبو جعفر، واختاره ابن جرير.
والقول الثاني : أنه غروب الشمس، قاله عليّ وابن مسعود وأبي بن كعب وأبو عبيد، وروي عن ابن عباس «١».
وقال الفراء : دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها «٢».
قال الأزهري : معنى الدلوك في كلام العرب الزوال، ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار : دلكة لأنها في الحالتين زائلة.
قال : والقول عندي أنه زوالها نصف النهار لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس «٣».

(١) وروي عن أبي هريرة أيضا كما في «الطبري» (١٥/ ١٣٨).
(٢) ونصه : رأيت العرب تذهب في الدّلوك إلى غيبوبة الشمس، وأنشدني بعضهم :
«ذبّب حتى دلكت براح» يعني الساقي طرد الناس.
قال ابن الجوزي : وهذا اختيار ابن قتيبة، لأن العرب تقول : دلك النجم : إذا غاب.
قال ذو الرمّة :
مصابيح ليست باللواتي تقودها نجوم ولا بالأفلات الدّوالك
و تقول في الشمس : دلكت براح : يريدون : غربت، والناظر قد وضع كفّه على حاجبه ينظر إليها.
(٣) وبقية كلامه :«و إذا جعلت الدّلوك : الغروب، كان الأمر في هذا قاصرا على ثلاث صلوات.
وانظر : الطبري (١٥/ ١٣٧)، والبحر المحيط (٦/ ٧٠). وزاد المسير (٥/ ٧١).


الصفحة التالية
Icon