نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٧٩
فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ : في ضمن خلق أبيكم آدم عليه السلام.
مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ : أي من مني، سمي نطفة لقلته. والنطفة : القليل من الماء قد يقع على الكثير منه، والنطفة : القطرة.
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ : هي الدّم الجامد «١».
والعلق الدم العبيط، أي الطري المتجمد.
وقيل : الشديد الحمرة. والمراد الدم المتكون من المني.
ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ : هي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ الماضغ، تتكون من العلقة.
مُخَلَّقَةٍ بالجر صفة لمضغة، أي مستبينة الخلق ظاهرة التصوير.
وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ : أي لم يتبين خلقها ولا ظهر تصويرها.
قال ابن الأعرابي : مخلقة يريد قد بدا خلقها وغير مخلقة لم تصور.
قال الأكثر : ما أكمل خلقه بنفخ الروح فهو المخلقة وهو الذي ولد لتمام، وما سقط كان غير مخلقة، أي غير حي بإكمال خلقته بالروح.
قال الفراء : مخلقة تامة الخلق، وغير مخلقة السقط. ومنه قول الشاعر :
أفي غير المخلقة البكاء فأين الحزم ويحك والحياء؟
و المعنى إنا خلقناكم على هذا النمط البديع «٢».
لِنُبَيِّنَ لَكُمْ كمال قدرتنا على ما أردنا كإحياء الأموات وبعثهم، فآمنوا بذلك وتيقنوا، والآية من شواهد البعث بعد الموت.
وقال أبو عبيد : العلق من الدم ما اشتدت حمرته.
وقال الأزهري : العلقة : الدم الجامد الغليظ، ومنه قيل للدابة التي تكون في الماء : علقة، لأنها حمراء كالدّم، وكل دم غليظ علق. وانظر : تهذيب اللغة (١/ ٢٤٣)، ومعاني النحاس (٤/ ٣٧٧).
(٢) انظر : الطبري (١٧/ ١١٧)، والدر (٤/ ٣٤٥)، والزجاج (٣/ ٤١٢)، والفراء (٢/ ٢١٥)، وابن كثير (٥/ ٣٩١).