نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٩٦
قال القرطبي في «تفسيره» «١» : الزينة على قسمين : خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها فإنه أصل الزينة، والمكتسبة ما تحاوله المرأة من تحسين خلقها كالثياب والحلي والكحل والخضاب. ومنه قوله تعالى : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف : ٣١]، وقول الشاعر :
يأخذن زينتهن أحسن ما ترى وإذا عطلن فهن خير عواطل
وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ : الخمر : جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
والجيوب : جمع جيب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص، مأخوذ من الجوب وهو القطع.
قال المفسرون : إن نساء الجاهلية كن يسدلن خمرهن من خلفهن وكانت جيوبهن من قدام واسعة، فكانت تنكشف نحورهن وقلائدهن، فأمرن أن يضربن مقانعهن على

و ابن عباس وغيرهم تفيد الجواز في كشف الوجه والكفين، واختار هذا القول.
فقد قال رحمه اللّه تعالى : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ولا يظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهن وهما زينتان : إحداهما ما خفي، وذلك كالخلخال والسوارين، والأخرى : ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعنى منه.
ثم أسرد قول القائلين بأن المراد بالزينة الثياب الظاهرة كما روى عن ابن مسعود من عدة روايات، وقول الحسن بأنها الثياب، وعبد الرحمن بن زيد عن ابن مسعود أنه قال : الرداء.
ثم قال رحمه اللّه وقال آخرون : الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه الكحل والخاتم والسواران والوجه.
وذكر قول سعيد بن جبير عن ابن عباس، وكذلك رواية عبد اللّه بن هرمز عن سعيد بن جبير أنه فسّر إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها بالوجه والكف.
وبالجملة فترى الروايات التي ذكر ابن جرير تفسر ما ظَهَرَ مِنْها بالزينة الظاهرة من الكحل والخاتم والقرط والسوار، أو بالثياب والرداء كابن مسعود، وبالوجه والكفين كسعيد بن جبير وابن عباس.
ثم اختار ابن جرير قائلا :
و أولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال، عني بذلك الوجه والكفّين، يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل والخاتم والسوار والخضاب.
وعلل الطبري ذلك بقوله : لو كان الوجه عورة لما كشفته في الصلاة. وانظر : الطبري (١٨/ ٩٢، ٩٦).
(١) انظره في (١٢/ ٢٢٩).


الصفحة التالية
Icon