نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤١٢
و قد كان بعض العرب يتحرج أن يأكل وحده حتى يجد له أكيلا يؤاكله فيأكل معه، وبعض العرب كان لا يأكل إلا مع الضيف فنزل : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً أي غير البيوت التي تقدم ذكرها، وهذا بيان أدب آخر أدّب به عباده.
فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ : أي على أهلها الذين هم بمنزلة أنفسكم.
وقيل : المراد البيوت المذكورة سابقا.
وعلى القول الأول فقال الحسن والنخعي : هي المساجد، والمراد سلموا على من فيها من صنفكم، فإذا لم يكن في المساجد أحد فقيل : يقول : السلام على رسول اللّه، وقيل : يقول : السلام عليكم مريدا للملائكة وقيل : يقول : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين.
وقال بالقول الثاني - أعني أنها البيوت المذكورة سابقا - جماعة من الصحابة والتابعين. وقيل : المراد بالبيوت هنا هي جميع البيوت المسكونة وغيرها، فيسلم على أهل المسكونة. وأما غير المسكونة فيسلم على نفسه.
قال ابن العربي : القول بالعموم في البيوت هو الصحيح «١».
تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً : أي تطيب بها نفس المستمع.
كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١) : تعليل لذلك التبيين برجاء تعقل آيات اللّه سبحانه وفهم معانيها.
[الآية الخامسة عشرة] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢).
فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ : أي المؤمنين يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.