نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤٢٦
[الآية الثانية]
وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩).
وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا : باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين.
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما : أي إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسعوا في الصلح بينهم ويدعوهم إلى حكم اللّه.
فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ : أي فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه، كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية، حتى ترجع إلى أمر اللّه وحكمه فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب اللّه وحكمه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا في الصواب المطابق لحكم اللّه ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة، حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها للأخرى.
ثم أمر اللّه سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المقتتلتين فقال :
وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) أي واعدلوا إن اللّه يحب العادلين، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء.
وقد أوضح الشوكاني ما هو الحق في هذا المرام في شرحه «نيل الأوطار للمنتقى» «١»، وبسطنا الكلام على أحكام البغي والبغاة في شرحنا «مسك الختام لبلوغ المرام» فليرجع إليهما.