نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤٥٠
وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ : فلا تعصوه فيما أمركم ولا تضاروهن.
لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ : أي التي كن فيها عند الطلاق ما دمن في العدة، وأضاف البيوت إليهن مع كونها لأزواجهن لتأكيد النهي وبيان كمال استحقاقهن للسكنى في مدة العدة، ومثله : وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب : ٣٤]، وقوله :
وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب : ٣٣].
ثم لما نهى الأزواج عن إخراجهن من البيوت التي وقع الطلاق وهن فيها، نهى الزوجات عن الخروج أيضا فقال : وَلا يَخْرُجْنَ : أي من تلك البيوت ما دمن في العدة إلا لأمر ضروري وقيل : المراد لا يخرجن من أنفسهن إلا إذا أذن الأزواج لهن، فلا بأس، والأول أولى.
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : فهذا الاستثناء هو من الجملة الأولى، أي لا تخرجوهن من بيوتهن، لا من الجملة الثانية.
قال الواحدي : أكثر المفسرين على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا، وذلك أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها.
وقال الشافعي وغيره : هي البذاء في اللسان والاستطالة به على من هو ساكن معها في ذلك البيت.
ويؤيد هذا ما قال عكرمة : إن في مصحف أبيّ : إلّا أن يفحشن عليكم وقيل :
المعنى إلا أن يخرجن تعديا، فإن خروجهن على هذا الوجه فاحشة، وهو بعيد.
وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ : يعني أن هذه الأحكام التي بينها لعباده هي حدوده التي حددها لهم ليس لأحد أن يتجاوزها إلى غيرها.
وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ : أي يتجاوزها إلى غيرها أو يحل شيئا منها.
فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ : بإيرادها موارد الهلاك وأوقعها في مواقع الضرر، بعقوبة اللّه له