نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤٦٣
يدل على المبالغة على وجه لا يلتبس فيه بعض الحروف ببعض، ولا ينقص من النطق بالحرف من مخرجه المعلوم مع استيفاء حركته المعتبرة.
[الآية الرابعة]
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠).
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ : معنى أدنى : أقل، استعير له الأدنى لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما.
وَ نِصْفَهُ : معطوف على أدنى.
وَ ثُلُثَهُ : معطوف على نصفه. والمعنى أن اللّه يعلم أن رسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقوم أقل من ثلثي الليل ويقوم نصفه ويقوم ثلثه.
وبالنصب قراءة ابن كثير والكوفيين.
وقرأ الجمهور : ونصفه وثلثه بالجر عطفا على ثلثي الليل. والمعنى أن اللّه يعلم أن رسوله يقوم أقل من ثلثي الليل وأقل من نصفه وأقل من ثلثه.
واختار قراءة الجمهور أبو عبيد وأبو حاتم لقوله : عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ فكيف يقومون نصفه وثلثه وهم لا يحصونه.
وقال الفرّاء : القراءة الأولى أشبه بالصواب لأنه قال : أقل من ثلثي الليل، ثم فسر نفس القلة «١».
والتنضيد : جعل الشيء بعضه فوق بعض [نضد].
(١) قال أبو منصور :«من قرأ (و نصفه وثلثه) فهو بيّن حسن، وهو تفسير مقدار قيامه، لأنه لما قال (أدنى من ثلثي الليل) كان قوله (و نصفه) مبينا لذلك الأدنى، كأنه يقول : تقوم أدنى من الثلثين