نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤٨
[الآية الثالثة والعشرون ] وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦).
اختلف العلماء في المعنى المراد بإتمام الحج والعمرة، فقيل : أداؤهما والإتيان بهما من دون أن يشوبهما شيء مما هو محظور ولا يخل بشرط ولا فرض لقوله «١» تعالى فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة : ١٢٤] وقوله ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة : ١٨٧].
وقال سفيان الثوري : إتمامهما أن يخرج لهما لا لغيرهما، وقيل : إتمامهما أن يفرد كل واحد منهما من غير تمتع ولا قران. وبه قال ابن حبيب وقال : إتمامهما أن لا يستحلوا فيهما ما لا ينبغي لهم، وقيل : إتمامهما أن يحرم لهما من دويرة أهله، وقيل أن ينفق في سفرهما الحلال الطيب.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في «الدلائل» وابن عبد البر في «التمهيد» عن يعلى بن أمية قال جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهو بالجعرانة وعليه أثر خلوق، فقال : كيف تأمرني يا رسول اللّه أن أصنع في عمرتي؟ فأنزل اللّه وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «أين السائل عن العمرة؟ فقال ها أنا ذا قال اخلع الجبة واغسل عنك أثر الخلوق ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك» «٢». وقد أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديثه ولكن فيهما أنه نزل عليه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الوحي بعد السؤال ولم يذكرا ما هو الذي أنزل عليه.
(٢) [متفق عليه ] أخرجه البخاري في الصحيح [٣/ ٣٩٣] ح [١٥٣٦] و[١٧٨٩] و[١٨٤٧] و[٤٣٢٩] و[٤٩٨٥] ومسلم في الصحيح ح [١١٨٠] وأبو داود في السنن [٢/ ١٦٩ - ١٧٠] ح [١٨١٩] والنسائي [٥/ ١٣٠ - ١٣٢] والترمذي في السنن [٣/ ١٩٦] ح [٨٣٦] انظر فتح الباري [٣/ ٣٩٤].