نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٥١
كذلك عن جميع أهل اللغة، وقال الفراء : هما بمعنى واحد في المرض والعدو ووافقه على ذلك أبو عمر الشيباني «١» فقال : حصرني الشيء وأحصرني أي حبسني.
وبسبب هذا الاختلاف بين أهل اللغة اختلف أئمة الفقه في معنى الآية فقالت الحنفية المحصر : من يصير ممنوعا من مكة بعد الإحرام بمرض أو عدو أو غيره.
وقالت الشافعية وأهل المدينة : المراد بالآية حصر العدو.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المحصر بعدوّ يحل حيث أحصر وينحر هديه - إذا كان ثم هدي - ويحلق رأسه كما فعل النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو وأصحابه في الحديبية.
وأخرج الشافعي في «الأم» وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لا حصر إلا حصر «٢» العدو فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء إنما قال اللّه : فَإِذا أَمِنْتُمْ فلا يكون الأمن إلا من الخوف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : لا إحصار إلا من العدو «٣»، وأخرج أيضا عن الزهري نحوه.
وأخرج أيضا عن عطاء قال : لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس «٤».
وأخرج أيضا عن عروة قال : كل شيء حبس المحرم فهو إحصار «٥».
وأخرج البخاري عن المسور أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك «٦».
وأخرج ابن جرير «٧» وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ يقول : من أحرم بحجة أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه، فعليه ذبح ما
(٢) أخرجه الشافعي في الأم [٢/ ١٧٨] وابن جرير في التفسير [٢/ ٢٢١] ح [٣٢٤١].
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٥].
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٤].
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٦]. [.....]
(٦) أخرجه البخاري في الصحيح [٤/ ١٠] ح [١٨١١].
(٧) انظر تفسير ابن جرير [٢/ ٢٢٤].