نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٥٥
وصل وطنه، وبه قال الشافعي وقتادة والربيع ومجاهد وعكرمة والحسن وغيرهم.
وقال مالك : إذا رجع من منى فلا بأس أن يصوم والأول أرجح.
وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر أنه قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :«فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» «١» فبين صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن الرجوع المذكور في الآية هو الرجوع إلى الأهل.
وثبت أيضا في الصحيح من حديث ابن عباس بلفظ «و سبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم» «٢» وإنما قال سبحانه : تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ مع أن كل أحد يعلم أن الثلاثة والسبعة عشرة، لدفع أن يتوهم متوهم التخيير بين الثلاثة الأيام في الحج والسبعة إذا رجع. قاله الزجاج.
وقال المبرد : ذكر ذلك ليدل على انقضاء العدد لئلا يتوهم متوهم أن قد بقي منه شيء بعد ذكر السبعة. وقيل : هو توكيد وقد كانت العرب تأتي بمثل هذه الفذلكة فيما دون هذا العدد كقول الشاعر :
ثلاث واثنتان فهنّ خمس وسادسة تميل إلى شمامي
و قوله كامِلَةٌ : توكيد آخر بعد الفذلكة لزيادة التوصية بصيامها، وأن لا ينقص من عددها. ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الإشارة بقوله ذلِكَ قيل : هي راجعة إلى التمتع، فيدل على أن لا متعة لحاضري المسجد الحرام كما يقوله أبو حنيفة وأصحابه. قالوا : ومن تمتع منهم كان عليه دم، وهو دم جناية لا يأكل منه.
وقيل : إنها راجعة إلى الحكم وهو وجوب الهدي والصيام، فلا يجب ذلك على من كان أهله حاضري المسجد الحرام كما يقوله الشافعي ومن وافقه.
والمراد من لم يكن ساكنا في الحرم أو من لم يكن ساكنا في المواقيت فما دونها، على الخلاف في ذلك بين الأئمة.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح [٣/ ٤٣٣] ح [١٥٧٢].