نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٦٨
الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة «١»، فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال عمر : انتهينا انتهينا! «٢».
وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ العفو : ما سهل وتيسر ولم يشق على القلب.
والمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تجهدوا فيه أنفسكم وقيل : هو ما فضل عن نفقة العيال، وقال جمهور العلماء : هو نفقات التطوع، وقيل : إن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة المفروضة، وقيل : هي محكمة. وفي المال حق سوى الزكاة أيضا.
[الآية الثانية والثلاثون ] فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠).
هذه الآية نزلت بعد نزول قوله تعالى : وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ
[الأنعام : ١٥٢] وقوله : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النساء : ١٠] وقد ضاق على الأولياء الأمر فنزلت هذه الآية : قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة : ٢٢٠].
المراد بالإصلاح هنا مخالطتهم على وجه الإصلاح لأموالهم، فإن ذلك أصح من مجانبتهم.
وفي ذلك دليل على جواز التصرف في أموال الأيتام من الأولياء والأوصياء بالبيع والمضاربة والإجارة ونحو ذلك.
وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ اختلف في تفسير المخالطة : فقال أبو عبيدة مخالطة اليتامى : أن يكون لأحدهم المال ويشق على كافله أن يفرد طعامه عنه ولا يجد بدا من خلطه بعياله، فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه كافيه بالتحري فيجعله مع نفقة أهله، وهذا قد تقع فيه الزيادة والنقصان فدلت الآية على الرخصة وهي ناسخة لما قبلها.
(٢) [صحيح ] أخرجه أحمد في المسند [١/ ٥٣] وأبو داود في السنن [٣/ ٣٢٢] ح [٣٦٧٠] والترمذي في الجامع [٥/ ٢٣٦] ح [٣٠٤٩] والنسائي في السنن [٨/ ٢٨٦ - ٢٨٧] والحاكم في المستدرك [٤/ ١٤٣] وابن أبي شيبة في المصنف [٥/ ٦٩] ح [٢٣٧٧٢] نحوه.