نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٧٠ وقد قال به - مع من تقدم - : عثمان بن عفان وطلحة وجابر وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وطاووس وعكرمة والشعبي والضحاك، كما حكاه النحاس والقرطبي، وقد حكاه ابن المنذر عن المذكورين، وزاد عمر بن الخطاب وقال :
لم يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك، وقال بعض أهل العلم : إن لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى : ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة : ١٠٥]. وقال : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ [البينة : ١].
وعلى فرض أن لفظ المشركين يعمّ فهذا العموم مخصوص بآية المائدة كما قدمنا.
وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ أي ولرقيقة مؤمنة.
وقيل المراد بالأمة : الحرة لأن الناس كلهم عبيد اللّه وإماؤه. والأول أولى لما سيأتي ولأنه الظاهر من اللفظ ولأنه أبلغ، فإن تفضيل الأمة الرقيقة المؤمنة على الحرّة المشركة يستفاد منه تفضيل الحرّة المؤمنة على الحرّة المشركة بالأولى.
أخرج الواحدي وابن عساكر من طريق السّدّي عن أبي مالك عن ابن عباس قال :
نزلت في عبد اللّه بن رواحة وكانت له أمة سوداء. الحديث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا أنها كانت أمة لحذيفة سوداء فأعتقها وتزوجها حذيفة.
وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ أي المشركة : من كونها ذات جمال ومال وشرف. وهذه الجملة حالية.
وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ أي لا تزوجوهم بالمؤمنات حتى يؤمنوا.
قال القرطبي :
و أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام. وأجمع القراء على ضم التاء من تنكحوا. وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ الكلام فيه كالكلام في قوله : ولأمة، والترجيح كالترجيح.


الصفحة التالية
Icon