نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٨٠
للعباد بحكم هذا المولي بعد هذه المدة فَإِنْ فاؤُ أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ العزم منهم عليه والقصد له فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لذلك منهم عَلِيمٌ (٢٢٧) به. فهذا معنى الآية لا شك فيه ولا شبهة.
فمن حلف أن لا يطأ امرأته ولم يقيد بمدّة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر فإن مضت فهو بالخيار : إما رجع إلى نكاح امرأته وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها أو طلقها وكان له حكم المطلق امرأته ابتداء. وأما إذا وقت بدون أربعة أشهر فإن أراد أن يبرّ في يمينه اعتزل امرأته التي حلف منها حتى تنقضي المدة كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حين آلى من نسائه شهرا فإنه اعتزلهنّ حتى مضى الشهر، وإن أراد أن يطأ امرأته قبل مضي تلك المدّة التي هي دون أربعة أشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة، وكان ممتثلا لما صح عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من قوله :«من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» «١».
وللسلف في الفيء أقوال مختلفة فينبغي الرجوع إلى الفيء لغة وقد بيناه.
وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة والمتعين الرجوع إلى ما في الآية الكريمة وهو ما عرفناك فاشدد عليه يديك.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال : إيلاء العبد شهران.
وأخرج مالك عن ابن شهاب قال : إيلاء العبد نحو إيلاء الحر.
[الآية الأربعون ] وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨).
وَ الْمُطَلَّقاتُ يدخل تحت عمومه المطلقة قبل الدخول، ثم خصّص بقوله