نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٩٢
وبلوغ الأجل المذكور هنا المراد به المعنى الحقيقي : أي نهايته لا كما سبق في الآية الأولى.
والعضل : الحبس وقيل التضييق، والمنع وهو راجع إلى معنى الحبس، وكل مشكل عند العرب معضل. وداء عضال : أي شديد عسير البرء.
وقوله أَزْواجَهُنَّ، إن أريد به المطلقون لهن فهو مجاز باعتبار ما كان، وإن أريد به من يردن أن يتزوجنه فهو مجاز أيضا باعتبار ما سيكون، وقد أخرج البخاري وأهل السنن وغيرهم عن معقل بن يسار قال : كانت لي أخت فأتاني ابن عم فأنكحتها إياه فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقا لم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقلت له : يا لكع أكرمتك به وزوجتكها فطلقتها ثم جئت تخطبها، واللّه لا ترجع إليك أبدا! وكان رجلا لا بأس وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فعلم اللّه حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل اللّه : وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ الآية «١». قال : ففيّ نزلت هذه الآية فكفّرت عن يميني وأنكحتها إياه.
[الآية الخامسة والأربعون ] وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣).
لما ذكر اللّه سبحانه النكاح والطلاق ذكر الرضاع فإن الزوجين قد يفترقان وبينهما ولد، ولهذا قيل : إن هذا خاص في المطلقات وقيل : هو عام.
حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ تأكيد للدلالة على كون هذا التقدير تحقيقا لا تقريبا.
وفيه رد على أبي حنيفة في قوله : إن مدة الرضاع ثلاثون شهرا وكذا على زفر،